recent
أخر الأخبار

أزمة الأخلاقيات الطبية في اليمن: واقع مؤلم وحاجة مُلحّة للإصلاح


أزمة الأخلاقيات الطبية في اليمن: واقع مؤلم وحاجة مُلحّة للإصلاح

كتب/ يحيى يحيى 

يعيش القطاع الطبي في اليمن أزمة أخلاقية خطيرة، تتجلى في انتشار بعض الممارسات غير المهنية والاستغلالية، سواء داخل المستشفيات أو العيادات الخاصة أو الصيدليات. هذه الأزمة، رغم أنها لا تشمل جميع الأطباء، تؤثر سلبًا على سمعة المهنة وتزيد من معاناة المرضى الذين يعانون بالفعل من أوضاع معيشية صعبة. يستعرض هذا التقرير أبرز الممارسات غير الأخلاقية التي تشهدها الساحة الطبية، مع تقديم توصيات للحد من هذه الظواهر.

إهمال المرضى وسوء المعاملة

 راجع أحد المرضى طبيبًا متخصصًا في المخ والأعصاب بعد إصابته بدوخة شديدة أفقدته التوازن. ورغم دفعه رسوم الكشف، لم يستغرق الطبيب سوى ثلاث دقائق للاستماع إلى شكواه، ليطلب من مساعدته إعطائه نفس العلاج الموصوف لمريض سابق دون أي تقييم دقيق لحالته. هذه الحالة تعكس تقصيرًا واضحًا في تقديم الرعاية الطبية اللازمة.

طبيب الأنف والأذن والحنجرة:

في حادثة أخرى، زار مريض يعاني من ضيق التنفس طبيبًا متخصصًا، لكنه فوجئ بالطبيب يبالغ في وصف حالته بطريقة مخيفة وصاخبة، مما أصابه بالذعر. كما حاول الطبيب إقناعه بإجراء عملية جراحية فورية دون ضرورة واضحة، ما أثار الشكوك حول نزاهته وصدقه.

استغلال المرضى وفرض علاجات غير ضرورية

 قامت إحدى الطبيبات الجلدية بوصف مجموعة من المنتجات الطبية مثل الشامبو والمراهم والمقشرات لعدد من النساء، رغم عدم الحاجة الفعلية إليها. وقد تراوحت تكلفة هذه المنتجات بين 50 و 70 ألف ريال يمني، مما يعكس استغلالًا واضحًا لحاجة المرضى وقلة معرفتهم الطبية.

أطباء الأسنان:

شهد قطاع طب الأسنان بدوره ممارسات غير مهنية، حيث يقوم بعض الأطباء عديمي الخبرة بخلع الأسنان بطريقة خاطئة، ما يتسبب في نزيف حاد وعدم خياطة الجروح. كما يتم تركيب أطقم أسنان بطريقة غير دقيقة، مما يؤدي إلى مشكلات في الفك وآلام مزمنة للمرضى.

 غياب الرقابة واستغلال الصيدليات:

في بعض المستشفيات الحكومية، يُسمح للزوار وحتى الحراس بالتدخين داخل أجنحة العناية المركزة، في ظل غياب تام للرقابة، مما يعرض حياة المرضى للخطر.

فيما تقوم بعض الصيدليات التابعة للمستشفيات الخاصة ببيع الأدوية بأسعار مضاعفة مقارنة بالصيدليات الخارجية، نتيجة التعاون غير القانوني بين الأطباء والصيدليات لزيادة الأرباح على حساب المرضى.

 انتشار الأدوية المغشوشة والمهربة

تنتشر في الأسواق اليمنية أدوية مغشوشة وغير مطابقة للمعايير العالمية، خاصة تلك المتعلقة بأمراض خطيرة مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب، ما يعرّض حياة المرضى للخطر.

كما يتم تصنيع بعض الأدوية في ظروف غير صحية داخل اليمن، ثم يتم تزوير عبواتها لتبدو وكأنها مستوردة من شركات عالمية معروفة، مما يهدد صحة المواطنين ويضر بالاقتصاد الوطني.

هجرة الكوادر الطبية المتميزة

بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة، اضطر العديد من الأطباء اليمنيين المتميزين إلى الهجرة نحو دول الخليج وأوروبا بحثًا عن فرص عمل أفضل. وقد أدى هذا النزوح إلى نقص حاد في الكفاءات الطبية، مما أثر سلبًا على جودة الخدمات الصحية داخل البلاد.

 تراجع القيم الأخلاقية في الممارسة الطبية

تحول بعض الأطباء إلى سماسرة:

يلجأ بعض الأطباء إلى العمل كوسطاء لصالح شركات الأدوية والمختبرات الطبية، حيث يوجهون المرضى إلى مختبرات وصيدليات معينة مقابل عمولات مالية، في مخالفة صريحة لأخلاقيات المهنة.

عدم احترام المرضى:

في بعض الحالات، يتعامل بعض الأطباء مع المرضى بطريقة غير لائقة، تصل إلى حد السخرية من مظهرهم أو حالتهم الصحية، ما يفاقم معاناتهم النفسية ويُضعف ثقة المجتمع في القطاع الطبي.

 تعزيز الرقابة:

يجب على وزارة الصحة وفروعها في المحافظات فرض رقابة صارمة على المستشفيات والعيادات والصيدليات، والمختبرات والأطباء  ومحاسبة المخالفين بعقوبات رادعة.

تحسين بيئة العمل و نشر الوعي بين المرضى:

توفير رواتب مجزية وحوافز للأطباء للحد من ظاهرة الهجرة، وضمان بيئة عمل تدعم الكفاءات الطبية. و تثقيف المواطنين حول حقوقهم الطبية وكيفية التعرف على الممارسات غير الأخلاقية، لتجنب الوقوع ضحايا للاستغلال. يجب تشديد الرقابة على استيراد وتوزيع الأدوية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المهربين والمزورين.

خاتمة

في ظل التحديات التي تواجه اليمن، أصبحت الحاجة ملحة لإصلاح القطاع الطبي وضمان تقديم خدمات صحية عادلة ونزيهة. يجب أن تعود المهنة الطبية إلى جوهرها الإنساني، بحيث يكون المريض هو الأولوية وليس المال أو المصالح الشخصية. ورغم هذه الأزمات، لا يمكن إنكار وجود أطباء شرفاء يواصلون العمل بإخلاص في ظل هذه الظروف الصعبة، ويستحقون كل التقدير والاحترام.


google-playkhamsatmostaqltradent